ما مفهوم “التعلم بالخبرة”؟ وكيف نستفيد منه في بيوتنا وأعمالنا؟ د. سامح هنصر

طالما سمعنا كآباء وقادة ومدربين عن مصطلح “التعلم بالخبرة”. ربما بحثنا كثيرًا عن معناه، تطبيقاته وكيفية الاستفادة منه على كل المستويات (بدءًا من تربية وتعليم أولادنا في البيت، لتدريس طلبة المدارس والجامعات. وحتى تعليم وتدريب الكبار).

طلبنا – في منصة نور دوت أكاديمي – من د. سامح هنصر (ماجستير في تكنولوجيا التعليم، جامعة إنديانا بنسلفانيا، وصاحب كتاب وبرنامج “قمم” لتدريب المدربين)  ان يعطينا فكرة أوسع عن مفهوم التعليم بالخبرة. ونحب أن نشارككم بإجابته.

للاشتراك فى الكورسات التي يقدمها د. سامح – اضغط هنا.

هل تذكر موقفًا تعلمت منه درسًا؟ وهل هناك مواقف لم تتعلم منها دروسًا ذات قيمة؟ هل تذكر موقفًا أو خبرة منعتك من تعلم درس ما؟

اجتياز خبرة والتعلم منها أمر هام، وعلاقة الخبرة بالتعلم شغلت الكثير من علماء النفس والتربية مثل (John Dewey, Kurt Lewin, Jean Piaget and David Kolb).

شروط التعلم من الخبرةِ

للخبرة دور محوري في عملية التعلم، لكن ليست كل الخبرات لها نفس الوزن التعليمي، هناك خبرات تحصل منها على دروس كبيرة وأخرى على دروس صغيرة، بل إن بعض الخبرات  قد “تسيء التعليم”، إذ تعوقك عن التعرض لخبرات أخرى لازمة لنموك. ولكي تتعلم من الخبرة لابد من أن يكون هناك ربط بين خبرة الماضي ومواقف المستقبل، وتفاعل بين الإنسان والبيئة المحيطة. بمعنى أن العزل والفصل يمنع التعلم من الخبرة.

فإذا ظلت خبرة الماضي بقعة مستقلة منفصلة عن حاضرك، وعن المواقف المحتملة في المستقبل فإنك لن تتعلم منها. وإذا امتنعت عن التفاعل مع الأشخاص والظروف المحيطة لن تتعلم من خبراتك. فنحن في الغالب لا نتعلم من مجرد الخبرة بل من تفكيرنا في خبراتنا ومحاولة ربطها بمواقف الحاضر والمستقبل. التعلم يحدث من التنازع بين الخبرة الملموسة والتحليل المجرد، بين الشخصي والموضوعي، بين المشاعر والأفكار، بين معايشة “هنا والآن” وتنظير “هناك وحينئذ”. ومن هذا المنظور يعتبر الذكاء نتيجة لتفاعل الشخص مع بيئته، أو كما قال ديفيد كولب “الذكاء يتشكل بالخبرة”.

“التعلم هو تكوين المعرفة وليس الحصول عليها”.

“التعلم هو عملية تكوين المعرفة من خلال تحويل الخبرة”.

ماذا تعني هذه الجملة؟

مدرسة التعلم بالخبرة لا تنظر للمعرفة على أنها جسم مستقل موجود “هناك” علينا أن نحصل عليه، وأن التعلم هو اقتناء ونقل تلك المعرفة، بل ترى أن المعرفة تتكون ويُعاد تكوينها لَدَيْنا في عملية مستمرة اسمها التعلم (A process to be created and recreated).
عملية تكوين المعرفة هذه تتم بواسطة تحويل الخبرة، أي جعل الخبرة التي اختبرناها واكتسبناها من موقف ما، تتخذ شكلا آخر يعيننا على التعامل مع مواقف أخرى. فالتعلم لا يتعلق بالحصول والتحصيل والحصيلة، بل عملية تُوْلَد من الخبرة وتُوَلِّد المعرفة، عملية متكاملة من التأقلم مع العالم.

تكوين المعرفة

تخيل أنك تريد أن تُعَلِّم درسًا عن تمدد السوائل. أمامك اختياران: الاختيار الأول أن تخبر تلاميذك بحقيقة أن السوائل تتمدد بالحرارة (هذا ما يُعرف بالحصول على المعلومة). أما الاختيار الثاني فهو أن تساعدهم على أن يقيسوا حجم مقدار معين من الماء ويقوموا بتسخينه، ثم يقيسون حجمه بعد التسخين ويقارنون القياس الأخير بالقياس الأول، ويفكروا في سبب اختلاف القياسين ويستنتجوا أن الماء يتمدد بالحرارة، ثم يجربوا هذه القاعدة على سوائل أخرى (تكوين معرفة).

الفراشات لا تعض

عندما رأت طفلتي في سن مبكرة فراشة لأول مرة، فزعت وصرخت، فأمسكْتُ بيدها وطمأنتها، لكني لم أكتفِ بذكر معلومات عن أن تلك الفراشات لاتعض ولا تلدغ ولا تضر، بدأنا معًا نمشي وراء الفراشات وننادي عليها ونلاعبها. ثم جلسنا، وسألتها في دهشة (مصطنعة)، كيف صرت تطاردين الفراشات مع أنك في البداية كنت تخافين منها؟ وبعد تفكير وصفت لي كيف تبدد خوفها من الفراشات (ذكرت أنها في البداية كانت وحدها في مواجهة شيء لا تعرف عنه شيئًا…) وقتها توصلنا لإستنتاج أننا أحيانًا نخاف من أشياء لا تستدعي خوفنا. والآن، عندما أجد ابنتي خائفة من أمر لا يستلزم الخوف، أساعدها أن تستدعي خبرتها مع الفراشات.

كتبه: سامح هنصر – نور دوت اكاديمى.

تحرك مقترح:

اليوم جرب أن تساعد أحد أعضاء فريقك / أسرتك لاجتياز خبرة إيجابية تولد بداخلهم معرفة أكثر يقينًا، أو تزيل خوفًا ما. وشاركنا بالنتائج إن أحببت.

إذا كنت مدرب (أو معلم) أو متدرب، وتريد تحسين الطريقة التى تتعلم بها.
اشترك الآن فى كورس “التعلم” – من هنا

المراجع:

  1. Merriam, S. B., Caffarella, R. S., & Baumgartner, L. M. (2007). Learning in adulthood: A comprehensive guide. San Francisco, CA: John Wiley & Sons.
  2. Kolb, D. A. (1984). Experiential learning: Experience as the source of learning and development. Englewood Cliffs, NJ: Prentice-Hall. P. 9, 12.
  3. Kolb, D. A. (1984). Experiential learning: Experience as the source of learning and development. Englewood Cliffs, NJ: Prentice-Hall. P. 38.
انتقل إلى أعلى