تحدَّثنا في مقال سابق عن أهمية العائلة في الصحة النفسية للفرد، وأنواع الأمهات الإيجابي منها والسلبي، والآن نتناول دور الأب والإخوة والأجداد.
دور الأب:
“لا شيء في الطفولة مهم بقدر الحاجة للشعور بحماية الأب” سيجموند فرويد.
يحتاج الأبناء لنوع من الرعاية الأبوية، مختلِف عن الدور الذي تقوم به الأم. لذا على الأب مراعاة بعض الأمور التالية ليكون دوره فاعلًا في تكوين شخصية أطفاله ويحقق التوازن الأُسريّ:
- إظهار الاحترام والتقدير للأم، فهذا يوفّر للطفل الإحساس بالأمان، كما يعلّمه التعامل المحترَم مع الآخَرين.
- على قَدْر أهمية العمل وجلب المال، تكون أهمية مشارَكة الأب لحياة أبنائه والتفرغ لهم.
- التواصُل وتبادُل الاحترام. فكما يحترم الطفل أبيه، فعلى أبيه أن يفعل نفس الشيء معه، وخصوصًا في لحظات النصح والتوجيه.
- الأبناء عادةً يعتبِرون آباءهم قدوة ويقلدونهم في كل شيء. فكن كما تحب أن يكون أطفالك.
- مشارَكة الأبناء في بعض الأدوار التي اقتصرَت على الأم، مثل حَكي القصص والطبخ والتسوق.
- إظهار الحب بصورة مباشرة، فيجب على الأب توجيه كلمات الحب لأبنائه واحتضانهم وتقبيلهم.
- الاهتمام بالأبناء مسئولية الأب أيضًا بالرغم من مشغولياته المختلفة. يظل دور الأب مهمًا ومختلفًا عن دور الأم، فالأم يمكنها تعويض بعض النقص وليس كله.
دور الأبناء:
تتسع الدائرة لتخرج عن النطاق الضيق للأم والأب وعلاقتهما بالأبناء، لتشمل أيضًا علاقة الأبناء بعضهم ببعض. فإليك بعض النقاط التي تساعدك على خَلْق جو لطيف فيما بينهم وتؤهِّلهم لمسانَدة وحب بعضهم في مواجهة الحياة:
- لا تُفرِّق في تقديم الحب، فإن أتيت لأحدهم بلعبة فيجب أن تأتي بأخرى لأخيه، وإن قبَّلت أحدهم عليك أن تُقبِّل الآخَر، فالأطفال لا يميّزون الأسباب والفروق. وتزداد داخلهم مشاعر الغيرة.
- لا تقارن بين أبنائك، فمثلًا توبِّخ أحدهم لتأخُّره الدراسي وتقول له: فلان أنجح منك لأن درجاته أعلى، بل اُذكر له ما توَد أن يكون عليه دون مقارنات.
- إذا تشاجَر الأبناء حاوِل ألّا تتدخل ما دام الأمر لم يصل إلى حد العنف. أمّا إن وصل للضرب والعنف فقم
بالفصل بينهم فورًا، واستمع للطرفين بهدوء وحزم. وإن اتضَحَ خطأ أحدهم لا تبالغ في عقابه، بل أظهِر فقط خطأه، ولا تنسَ أن تُعلِّم صاحب الحق أن يسامح ويعفو. - اشرِك أطفالك معًا في بعض الأنشطة، مثلًا الكورسات الصيفية، لعبة رياضية، وذلك لتقوية علاقة الصداقة بينهم.
- إن كان طفلك وحيدًا واقترَب استقبال مولود جديد فيجب أن يُؤهَّل الطفل لاستقبال أخيه قبل الولادة بفترة، وتعلّمه أن عليه تقديم الرعاية والمساعدة له. كما عليك أن تطلب منه مساعدات في الاعتناء بالطفل، ليشعر بالمسؤولية تجاهه. كما عليك أن تشكر مساعدته حتى لا يشعُر بالغيرة، وإنما يعرف أنه مختلف عن أخيه الرضيع في شكل الرعاية المقدَّمة لكل منهما.
الأجداد والجدات:
تتسع دائرة العائلة أكثر لتشمل الأجداد والجدات، فما دورهم في حياة أطفالنا؟ وهل تدخُّلهم في تربية الأبناء إيجابي أم سلبي؟
إن وجود الأجداد دليل على الترابط الأُسريّ وامتداد العائلة. وحتى زمن قريب كانت تربي الجدة أحفادها ربما بعيدًا عن نظر الأم والأب. لكن مع تسارُع الحياة وتغيُّر المفاهيم لم يعُد ذلك مناسبًا لهذا العصر. كما أصبح الأجداد والجدات مفرِطين في التدليل، فما الدور المناسب للجد والجدة في تنشئة الطفل؟
- وجود الأجداد يُنمّي شعور الانتماء لدى الأطفال، ويعلّمهم الحرص على العلاقات، ويُعزِّز احترامهم للوالدَين. كما أن أحد الوالدَين إذا كان قاسيًا في التعامل، فيعالج ذلك الجد والجدة، فيكونان ملاذًا آمنًا وموثوقًا به للطفل.
لكن المشكلة المنتشرة حاليًا في مجتمعاتنا هي تدليل الأجداد للأطفال وكسر كل القواعد. فكيف نتعامل مع هذا الأمر؟
- مصارَحة الأجداد بهذا الأمر، وإخبارهم بعواقبه والذي قد يتسبب في إفساد شخصية الطفل. لكن يجب ألّا يكون ذلك النقاش أمام الأطفال بأيّ حالٍ.
- عدم المبالغة في التدليل من قِبَل الأجداد.
- لا يجب أن يبالِغ الأبوان في العقاب أمام الأجداد حتى لا يكون سببًا لتدخل الأجداد، أو يتوجَّه الطفل للبحث عن بديل.
- إذا شارَكَ الأطفال بتصرُّف صدَرَ من الأجداد غير مُرضٍ، فلا تُسفِّه من الجد أو الجدة، بل اشرح لطفلك أنك ترفض السلوك لا الشخص، ثم ناقِش الأمر مع الجد في وقت لاحق.
- لا يجب أن يتزايد دور الأجداد إلى حَدّ التدخل مثلًا في اختيار المدرسة وطريقة الإنفاق وما إلى ذلك، فمتطلبات العصر اختلَفَت بصورة مذهلة عن الماضي.
هذه هي الأدوار الأساسية لكل فرد في العائلة، لتكون قوية مترابطة مسانِدة بعضها لبعض.