عَلِّم نفسك – خطوات ومصادر عملية لتعلم نفسك وأولادك

في زحام وتخبُّط وتأخُّر نُظُم التعليم حَوْلنا، نحاول أن نجد لأنفسنا طريقًا يساعدنا على تعليم أنفسنا وأبنائنا. والمسألة ببساطة تتمثّل في مرحلتَين: الأولى نُسمّيها محو الأمية (Literacy)، والثانية هي التعلُّم الذاتي (Self-Learning).

محو الأمية والتفكير المنطقي:

محو الأمية هو أن تصير قادرًا على أن تقرأ وتكتب وتحسب. والنمو في هذه المرحلة يتم على ٣ محاور هي:
١- السرعة.
٢- السهولة.
٣- الدِقّة.

فكلما تمكّنتَ من لغتك وحساباتك، استطعت أن تقرأ وتكتب وتحسب بشكل أسرع وأسهل وأدق. الحساب هنا يدخل فيه أيضًا مهارة التفكير المنطقي. تذكَّر أن الناس في بلادنا يُعبّرون عن المنطق بعبارة “واحد زائد واحد يساوي اثنين”، وهذا صحيح، فالمنطق والحساب توأمان يسيران معًا. المسائل الحسابية المُصمَّمة بطريقة وَصْف موقف أو مشكلة مُعيَّنة (مثل: اشترَى أشرف 6 تفاحات وأراد أن يوزّعها بالعدل على إخوته الثلاثة…) تساعد على التفكير المنطقي، وبالطبع تتدرّج في مستويات الصعوبة. نموّك في هذه المهارات، والذي يتمثّل في زيادة السرعة والسهولة والدقة التي بها تقرأ وتكتب وتحسب، يؤهّلك للمرحلة الثانية، التعلُّم الذاتي.

التعلُّم الذاتي:

التعلُّم الذاتي، أو بالأحرى التعلُّم المُوجَّه ذاتيًا (Self-Directed Learning) هو أن يستطيع الشخص أن يوجِّه نفسَه للمصادر والوسائل التي تساعده أن يتعلم، أن تتعلم كيف تتعلم. من أهم ما يُمهّد للتعلُّم الذاتي هو اللغة والتكنولوجيا. النصيحة القديمة “تعلّم الإنجليزي والكمبيوتر” ما زالت صالحة لليوم، في الماضي كانت تميُّزك عن الآخَرين، لكن اليوم هي أساس لا غِنى عنه لتُكمِل رحلة التعلُّم. تعلَّم اللغة التي تتحدث بها المصادر التي ستستقي منها تعليمك. في معظم الأحوال تكون هذه اللغة هي الإنجليزية، لكن ربما تكون لغة أخرى مثل اليابانية أو الصينية أو غيرها. ثم تعلَّم كيف تتعامل مع التكنولوجيا، تليفونك، والكمبيوتر الخاص بك واستخدام بعض البرامج (Software) والدخول على المواقع الإلكترونية “تصفُّح الإنترنت”.

اللغة والتكنولوجيا سيفتحان نوافذ العالم أمامك للتعلم. وعند انفتاح تلك النوافذ ستحتاج إلى ٣ مهارات: التفكير النقدي، التوجيه الذاتي، والانضباط.

يساعدك كورس “التعلم” على تحسين وتطوير الطريقة التى تتعلم بها
للاشترك بالكورس – اضغط هنا

المهارات الأساسية المطلوبة للتعلم الذاتي:

١- التفكير النقدي:

هو ألّا تأخذ المعلومات على عِلّاتها بل تسأل وتشُكّ وتُحلل وتعترض على جزئية وتوافق على أخرى وهكذا. أن تحكُم على جودة المعلومة ومصدرها، وبالتالي تنتقي مصادرك ومعلوماتك.

٢- التوجيه الذاتي:

فهو أن تعرف ماذا تريد، وتضع أهدافًا لحياتك، وأهدافًا لتعليمك وتربطهم ببعض، وتعمل خطة لتَعَلُّمك.

٣- الانضباط:

هو أن تحكُم نفسك، أن تستيقظ مبكرًا دون أن يوقظك أحد، لأنك تريد إنجاز شيء ما. وأن تقرأ كتابًا كبيرًا في أسبوع مع أنك لن تمتحن في مادة هذا الكتاب.

هذه المهارات الثلاث ليست مواهب قاصرة على فئة من الناس دون الأخرى، بل مهارات تُكتسَب بالممارسة، وننمو فيها وتتحسن تدريجيًا.

المصادر التعليمية المفتوحة

يبقى أن نشير إلى المصادر التعليمية المفتوحة (Open Educational Resources) المتاحة للجميع للإطلاع والتعلم. هناك الكثير من الكورسات والبرامج التعليمية من مصادر ممتازة، بعضها من أرقى جامعات في العالم (مثل هارفارد وستانفورد) وغيرها التي يمكن الوصول إليها بمُحرّكات البحث أونلاين المعروفة (مثل جوجل)، أو من خلال المواقع التي تجمع مثل هذه الكورسات والبرامج مثل (MOOCs) و(Coursera).

تطوير النظم التقليدية للتعليم عملية ثقيلة ستأخذ وقتًا طويلًا، بينما البدائل تتطوَّر بسرعة فائقة في عصر المعلومات. لا تنتظر تطوير نظام المدارس في بلدك، بل لنبدأ من الآن مع أنفسنا وذوينا، بأن نُجيد القراءة والكتابة والحساب (والتفكير المنطقي) بسرعة وسهولة ودِقّة، ثم نستفيد من استخدام التكنولوجيا (واللغات الأجنبية) للوصول إلى مصادر التعليم المفتوحة، مستعينين بمهارات التفكير النقدي، والتوجيه الذاتي والانضباط.

كتبه: د. سامح هنصر

ماجستير تكنولوجيا التعليم، جامعة إنديانا بنسلفانيا، وصاحب برنامج “قمم” لتدريب المدربين.

(للاشتراك فى الكورسات التي يقدمها د. سامح هنصر – اضغط هنا).

انتقل إلى أعلى