الإدمان

الإدمان هو مرض مزمن لا يمكن الشفاء منه لكن يمكن محاصرته. الإدمان دائمًا يصاحبه حالة من الإنكار، الإنكار هو إنكار للواقع والمدمن يصدقه. لذلك نجد المدمن أوقات يكذب بشكل ساذج لكنه يصدقه ويصدق مبرراته . ومن أبسط صور الإنكار أن المدمن دائمًا يرى أن ليس لديه مشكلة مع المخدرات، أو مشكلة في السيطرة على تعاطيه، أو أن المشكلة ليست فيه أصلًا، المشكلة فى المحيطين به، وغالبًا هم “أهله أو زوجته أو زوجها”. ويرى أنه يتعاطى بشكل اجتماعي أو أنه يمر بظروف صعبة في العلاقة أو مشاكل فى العمل. (للاشتراك فى كورسات نور. اكاديمى الاحترافية – اضغط هنا).

للتحدث عن مفهوم مرض الإدمان سنتناوله من عدة جوانب:

الجانب السلوكي:

الإدمان هو سلوك ناتج عن اضطراب عقلي مستحوِذ (خلل مسيطِر على تفكيره)، وأصبح سلوكًا قهريّ التنفيذ (يعمله لا إراديًا)، يسبب ضررًا لصاحبه ومَن حواله (أهله- أصحابه – زملاء العمل). وهدف المدمن من هذا السلوك هو تغيير الحالة المزاجية الحالية وتحويلها من حالة مزاجية عادية إلى حالة مزاجية أعلى،  أو من حالة مزاجية سيئة إلى حالة مزاجية أفضل.

الإدمان يظهر بوضوح في استخدام أشياء كالمواد المخدرة والكحوليات، والمواد الإباحية، والسلوكيات الإدمانية الجنسية، والقمار، والطعام، والعلاقات العاطفية “إدمان العلاقات”.

الجانب الجسدي:

ولكي نستطيع أن نقول على ما سبق أنه إدمان، يجب أن يصاحب استخدامها فقدان سيطرة الشخص عليها، وهو الجانب الجسدي الذي يظهر بوضوح في التنفيذ القهري للسلوك الإدماني. سواء كان تعاطي مخدِّر أوعدم القدرة على التحكُّم في الجرعات، أو حتى المحاولات الفاشلة في التوقف عن التعاطي. وفي حالة العلاقات  الشخص لا يقدر أن يتخلى عن العلاقة الإدمانية، ولا يتخيل الحياة بدون شريكه في هذه العلاقة، رغم أنه غالبًا ما يكون الشريك غير الملائم. وكثيرًا تصبح علاقة مسيئة، إلا أن المدمن لا يقدر أن يستغني عن العلاقة أو الشريك.

الجانب العقلي:

الجانب العقلي لمرض الإدمان يتمثل في الفكرة المسيطرة. و من أهم خصائص الفكر المسيطر (المستحوذ)، أنه يشغل عقل المدمن تمامًا، ويستحوذ على مجهوده ووقته لتنفيذ هذه الفكرة. وأيضًا يتغاضى عن أيّة عواقب سلبية تنتج عن تنفيذ هذه الأفكار مثل التأخُّر الوظيفي أو الدراسي، أو تدهور العلاقات أو حتى فقدان هذه الأمور. بالإضافة طبعًا إلى الانهيار المادي السريع الناتج عن تخصيص وتوجيه كل الموارد المادية لتنفيذ الأفكار المسيطرة.

طول الوقت المدمن يسعى لتغيير حالته المزاجية، لأنه أضعف من أنه يمارِس حياته اليومية بكل ضغوطاتها، ومسئولياتها، ومواجهتها العملية، لذا يلجأ للهروب من الواقع إلى العالم الافتراضي الذي يخلقه لنفسه عن طريق التفكير في تغيير المزاج. الجانب العقلي من مرض الإدمان هو الفكرة المسيطرة.

الجانب العاطفي:

الإدمان يصاحبه دومًا حالة من العُزلة الاجتماعية الواضحة، والسرية، والغموض وأيضًا حالة من الخواء العاطفي. حيث أن المشاعر التي يعيشها المدمن هي سلبية، وتؤدى إلى الاستمرار في تدمير ذاته مثل: تدني احترام الذات – الخزي – الذنب – الخوف – الكُره – الغيرة – الاستياء – عدم تقبُّل الذات. المدمن دائمًا يستخدم أشياء مادية لكي يغيِّر بها مشاعره وحالته المزاجية.

الجانب الروحاني:

الإدمان في أساسه هو حالة من الإفلاس الروحاني (فراغ داخلي رهيب مثل الثقب الأسود يبلع أي شيء وبرغم ذلك لا يمتلئ هذا الفراغ). الجانب الروحاني يتّسم بتمحوُر تفكير المدمن حول ذاته دون التفكير في احتياجات الآخرين، وفقْد التواصل مع أيّة قوة عظمى “الله” لاعتماده على ذاته. هو لا يرى إلا احتياجاته المادية وتحقيقها وإشباعها بشكل فوري، لا يهم على حساب مَن أو مَن سيتأذى.

الإدمان مرض قاتل، ولا يمكن الشفاء التام منه، لقد أوضحنا في البداية أنه مثل أي مرض لا يتم الشفاء منه، ولكن يحاصَر عن طريق مجموعتين من التصرفات. مجموعة التصرفات الواجب اتباعها وهى الامتناع عن السلوك الإدماني، والانضمام لزمالة المدمنين المجهولين والتى تطبق برنامج الــ ١٢ خطوة. ومجموعة التصرفات الواجب تجنُّبها وهى تجنّب مثيرات تنفيذ السلوك الإدماني عن طريق تجنب الأشخاص والأشياء والأماكن المرتبطة بسلوكه الإدماني “لتجنب الشعوذة Craving”.

لمزيد من الاستفادة العملية زور موقعنا – من هنا

كتبها: محمد رفاعى – معالج إدمان – Nour.Academy.

انتقل إلى أعلى